برنامج التشغيل مقابل النقد أو الغذاء: حل اقتصادي لمواجهة البطالة وآثار الحرب

دكتور عبد الفتاح حسين


في ظل الأزمات الاقتصادية والكوارث الإنسانية، تصبح برامج تشغيل البشر مقابل النقد أو الغذاء واحدة من أفضل الأدوات لدعم المجتمعات، وتحفيز الأسواق، وتقليل آثار الصراعات. طرح الدكتور عبد الفتاح حسين فكرة توظيف 50 ألف شخص في ولاية الشمالية كدفعة أولى، مقابل أجور نقدية أو مواد غذائية، لتنفيذ مشاريع خدمية حيوية، مثل النظافة، الصيانة، والخدمات الصحية والتعليمية.

لماذا هذا البرنامج مهم؟

تسببت الحرب والصراعات في تدهور الاقتصاد، مما أدى إلى ارتفاع البطالة، نقص الخدمات الأساسية، وركود الأسواق. لذا، تنفيذ برامج تشغيل مقابل النقد أو الغذاء يحقق الفوائد التالية:

  1. خلق فرص عمل مباشرة للشرائح الأكثر تضررًا، خاصة الشباب والعاملين غير المنتظمين.
  2. تحفيز الاقتصاد المحلي عبر ضخ سيولة جديدة في الأسواق.
  3. تحسين الخدمات العامة مثل النظافة، الصيانة، الرعاية الصحية، التعليم، وحملات التوعية.
  4. تقليل آثار الحرب والكوارث عبر توفير فرص عمل دون الحاجة إلى استثمارات ضخمة أو قروض.
  5. تعزيز الاستقرار الاجتماعي وتقليل معدلات الفقر والجريمة.

كيف يعمل البرنامج؟

  • تقوم الحكومة أو الجهات المشرفة بتمويل مباشر للجهات المحلية، مثل ضباط الصحة والتعليم والخدمات البلدية.
  • يتم تشغيل آلاف الأفراد في مهام محددة، مثل نظافة المدن، صيانة المدارس، مكافحة الأمراض، زراعة الأشجار، تحسين البنية التحتية البسيطة.
  • يتم تقديم أجر نقدي أو مواد غذائية للعمال، مما يساعدهم على إعالة أسرهم وتحفيز الاقتصاد المحلي.
  • البرنامج غير مرتبط بتأمينات أو فوائد ما بعد الخدمة، مما يجعله أكثر مرونة وسرعة في التنفيذ.

تجارب ناجحة من العالم

1. تجربة برنامج "المال مقابل العمل" في أفغانستان

في أعقاب الحروب والصراعات، أطلقت منظمات الإغاثة الدولية برنامج "Cash for Work" في أفغانستان، حيث تم تشغيل آلاف العمال في مشاريع مثل إعادة بناء الطرق، تنظيف الشوارع، وصيانة المدارس. هذا ساهم في خلق فرص عمل مباشرة، تحسين البنية التحتية، وتنشيط الاقتصاد المحلي.

2. تجربة إثيوبيا: برنامج شبكة الأمان الإنتاجية (PSNP)

إثيوبيا أطلقت برنامج "شبكة الأمان الإنتاجية" لمواجهة آثار الجفاف والفقر. تم تشغيل المزارعين والعاطلين في مشاريع زراعية وبيئية مقابل الغذاء، مما أدى إلى تحسين الإنتاج الزراعي وزيادة دخل الأسر الفقيرة.

3. تجربة الأمم المتحدة في السودان وجنوب السودان

في مناطق النزاعات، أطلقت الأمم المتحدة برامج تشغيلية مشابهة، حيث تم توظيف النازحين في مشاريع إعادة الإعمار، مما ساهم في دعم المجتمعات المحلية وتقليل الضغوط الاقتصادية.

تقليل آثار الحرب عبر التشغيل المؤقت

الحروب تؤدي إلى انهيار القطاعات الإنتاجية، ارتفاع البطالة، وزيادة معدلات الفقر. لذا، فإن تنفيذ برامج التشغيل مقابل النقد أو الغذاء يمكن أن يكون أداة فعالة لتعافي الاقتصاد، حيث:

  • يوفر فرص عمل فورية لمن فقدوا وظائفهم بسبب النزاع.
  • يعيد بناء البنية التحتية المتضررة بعمالة محلية.
  • يساعد النازحين والمجتمعات المتأثرة على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

تنفيذ البرنامج في السودان: كيف ولماذا؟

  1. اختيار القطاعات ذات الأولوية مثل الصحة، البيئة، البنية التحتية، الزراعة والتعليم.
  2. توفير تمويل بسيط ومباشر للمشرفين على البرنامج في كل محلية.
  3. إشراك المجتمعات المحلية لضمان نجاح التنفيذ.
  4. تنفيذ حملات توعية إعلامية حول أهمية المشاركة في البرنامج.

خاتمة: ضرورة تبني الفكرة الآن

في ظل الأزمة الاقتصادية، يجب على الحكومة السودانية تبني مثل هذه البرامج بشكل عاجل، حيث أنها لا تتطلب استثمارات ضخمة، بل تعتمد على تشغيل الموارد البشرية المتاحة. يمكن أن يكون هذا البرنامج حلاً سريعًا وفعالًا لمكافحة البطالة، تحسين الخدمات، وإنعاش الاقتصاد المحلي.

إرسال تعليق

أحدث أقدم