في ظل التوترات السياسية المستمرة في السودان، جاءت تصريحات علي عسكوري، القيادي في الكتلة الديمقراطية، خلال ورشة حزب حركة المستقبل للإصلاح والتنمية في بورتسودان، لتعكس انقسامات القوى السياسية وتباين المواقف بشأن الحوار الوطني ومستقبل الدعم السريع.
السياق السياسي لانقسام القوى المدنية
لفهم أبعاد تصريحات عسكوري، لا بد من الرجوع إلى خلفية الانقسامات داخل قوى إعلان الحرية والتغيير:
-
اتفاق جوبا للسلام (2020):
- أدى إلى انقسام داخل قوى الحرية والتغيير، حيث شعرت بعض الفصائل بأن أحزابًا معينة احتكرت القرار السياسي.
- هذا الانقسام أفرز الكتلة الديمقراطية التي ضمت بعض الحركات المسلحة والقوى الرافضة لسيطرة قوى محددة على المشهد السياسي.
-
انقلاب 25 أكتوبر 2021:
- أيدت الكتلة الديمقراطية الانقلاب الذي قاده الجيش ضد الحكومة الانتقالية بقيادة المدنيين، متهمة الحرية والتغيير بإقصاء الأطراف الأخرى.
-
الاتفاق الإطاري (ديسمبر 2022):
- ردًا على الانقلاب، سعت قوى الحرية والتغيير إلى فرض الاتفاق الإطاري، الذي رفضته الكتلة الديمقراطية، معتبرة أنه محاولة جديدة لاحتكار السلطة.
- تسبب هذا الاتفاق في تصعيد التوترات بين القوى السياسية والجيش، وهو ما أدى في النهاية إلى اندلاع حرب 15 أبريل 2023 بين الجيش السوداني والدعم السريع.
-
تحالف "تقدم" وانقسامه حول الدعم السريع:
- بعد الحرب، تشكل تحالف "تقدم" بقيادة قوى الحرية والتغيير، لكنه شهد انقسامًا داخليًا بشأن التعامل مع الدعم السريع.
- ظهرت كتلة "صمود" الرافضة لأي دور سياسي للدعم السريع، في مقابل تيار آخر يؤيد دعم تأسيس مليشيا الدعم السريع لحكومة مدنية.
أبرز نقاط تصريحات علي عسكوري
1. اتهام تحالف "صمود" بتقسيم الأدوار:
- وصف انقسام تحالف "صمود" بأنه مجرد مناورة سياسية وليس انشقاقًا حقيقيًا.
- أشار إلى أن التحالف لديه مذكرة تفاهم مع مليشيا الدعم السريع، متسائلًا لماذا لم يصدر بيانًا واضحًا بإنهاء علاقته بالمليشيا بعد الانقسام؟
2. رفض الحوار مع الدعم السريع:
- قال بوضوح:
"إذا أتوا بها عبر الحوار، فسأحمل السلاح وأحاربها". - يعكس هذا رفضًا قاطعًا لأي محاولات لدمج الدعم السريع سياسيًا أو عسكريًا بعد الحرب.
3. ضرورة التخلي عن السلاح للمشاركة في الحوار:
- أكد أن أي جهة تريد المشاركة في الحوار يجب أن تسلم سلاحها للجيش، سواء كانت قوات مشتركة أو مستنفرين.
- يرى أن أي عمل سياسي يجب أن يتم فقط من خلال أحزاب مدنية خالية من الوجود العسكري.
4. انتقاد التدخلات الخارجية في الحوار السوداني:
- دعا إلى أن يكون الحوار سودانيًا-سودانيًا دون تدخل خارجي، مشيرًا إلى أن بعض القوى تسعى لاستخدام النفوذ الدولي لفرض أجنداتها.
تحليل الموقف:
✅ محاولة تعزيز موقف الجيش: تصريحات عسكوري تدعم فكرة أن الجيش يجب أن يكون الجهة الوحيدة الحاملة للسلاح، مما يعكس انسجامًا مع موقف القيادة العسكرية الرافض لإعادة دمج الدعم السريع.
❌ زيادة الانقسامات بين القوى المدنية: انتقاداته لتحالف "صمود" وتصعيد خطابه تجاه الدعم السريع قد تؤدي إلى مزيد من التباعد بين القوى المدنية، مما يضعف موقفها في أي عملية تفاوضية مستقبلية.
⚠️ إعادة إنتاج الصراع السياسي: رفضه للحوار مع أي جهة تحمل السلاح قد يعرقل محاولات التوصل إلى تسوية سياسية شاملة، خاصة أن بعض القوى لا تزال ترى ضرورة إدماج الدعم السريع ضمن أي حل سياسي.
الخلاصة:
تصريحات علي عسكوري تكشف عن انقسامات عميقة داخل القوى المدنية والمسلحة، حيث بات واضحًا أن هناك صراعًا بين من يريد دمج الدعم السريع ومن يرفضه تمامًا. يبقى السؤال: هل تستطيع القوى السياسية الوصول إلى تسوية دون أن تتكرر أخطاء الماضي، أم أن السودان مقبل على مرحلة جديدة من الصراع السياسي والميداني؟